يعاني عشرات الملايين حول العالم من مرض الزهايمر، ويحصى معهم، في المقابل، العديد من مقدمي الرعاية ضمن دائرة المقربين من المريض، سواء كانوا من أفراد عائلته كإخوته أو شريك حياته، أو حتى أصدقائه، فمختلف هؤلاء الأفراد يختارون التجند للبقاء بجانب مريضهم تخفيفا لمعاناته.
ووفقا لأرقام منظمة الصحة العالمية، هناك أكثر من 55 مليون شخص يعانون من الخرف حول العالم، ويعد مرض الزهايمر السبب الأكثر شيوعا له، وقد يشكل 60 إلى 70 في المائة من الحالات المصابة بالخرف.
ويشمل مصطلح الخرف العديد من الأمراض التي تؤثر على الذاكرة والتفكير والقدرة على أداء المهام اليومية الاعتيادية، ويمكن أن يكون الخرف ناجما عن عدد من الأمراض التي تدمر الخلايا العصبية، وتلحق أضرارا بالدماغ مع مرور الوقت، مما يؤدي عادة إلى تدهور وظائف الدماغ.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، كل ف الخرف، سنة 2019، الاقتصادات على مستوى العالم سنة 1,3 تريليون دولار أمريكي، إذ تمثل تكاليف الرعاية من طرف مقدميها غير الرسميين (من أفراد العائلة والأصدقاء المقربين) نصف هذه الكلفة، بمعدل رعاية يبلغ 5 ساعات يوميا.
هذا المرض إذن لا يؤثر، قطعا، على حياة المرضى وحدهم، بل يشكل في الوقت نفسه ضغطا شديدا على حياة أقربائهم، ر غم أنه جزء لا يتجزأ من حياتهم اليومية، إذ أن مرض الزهايمر يتسبب كذلك في آثار جسدية ونفسية واجتماعية واقتصادية على حياة مقدمي الرعاية وأسرهم.
في ذات الوقت يختبر مرض الزهايمر حبا غير مشروط متجذرا في ذاكرة المريض ومن حوله، وهو حب قوي يمكن أن يتأثر أحيانا بالفراغ الذي يسيطر على ذاكرة المريض، وتتناثر بعده كل الذكريات وتضيع كما لو أنه لن يكن لها وجود.
ورغم أنهم محكومون بالنسيان، إلا أن أفراد العائلة والأصدقاء المقربين من المرضى يظلون بجوارهم من أجل توجيههم في حياتهم اليومية، وتقديم الدعم والمساندة النفسية اللازمة.
وخلال هذه الرحلة، تدخل أسر المرضى دوامة لا تنتهي من التوتر واضطرابات النوم إضافة إلى مشاكل صحية أخرى، في الوقت الذي تتعامل فيه مع تقلبات المزاج ومحاولة التحكم في العواطف، والارتباك.
كما أن أسر المصابين بالزهايمر تعيش حقيقة عدم تعرف المريض على أهله، أو خلطهم مع أشخاص آخرين، لكن رغم هذه المعاناة المشتركة، لا يستسلم أبطال الظل هؤلاء، ولا يكلون وهم يقدمون جهدا إضافيا، ويؤثرون بكل ثانية من أجل تقديم الدعم قدر المستطاع، لا لشيء، سوى للبحث عن بارقة أمل ضمن كل الضبابية التي تحكم أذهانهم.
وفي اليوم العالمي للزهايمر الذي يوافق 21 من شتنبر، يشكل التدهور المستمر لذاكرة المرضى ومعاناة أسرهم المتواصلة دعوة للتوعية بهذا المرض المقلق، ولتشجيع البحث العلمي من أجل توفير ظروف حياة أفضل للمرضى ومن يشاركونهم محنة مرضهم.